امن الوطن
وضعت قيادتنا السياسية بزعامة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية في صدارة أولوياتها واهتماماتها السبل الكفيلة بتعزيز الأمن والاستقرار، لإدراكها أن أي اختلال في هذا الجانب إنما ينعكس بتأثيراته المدمرة على مختلف مجريات الحياة السياسية والاقتصادية والتنموية والاجتماعية، وذلك للتلازم القائم بين الأمن والاستقرار وحركة البناء والنهوض وانسياب حركة الاستثمار، وتدفق الأفواج السياحية على اليمن، وازدهار الواقع الاجتماعي.
وكان من الواجب وبمقتضى هذه الأهمية البالغة للمسألة الأمنية أن ترتقي المنظومة السياسية والح**ية بأدوارها ومواقفها إلى مستوى هذا التحدي، وأن تستشعر أن مسؤولية الحفاظ على أمن واستقرار الوطن ليست مسؤولية الأجهزة الأمنية وحدها، وإنما هي مسؤولية تقع على عاتق كافة أبناء هذا الوطن، وفي المقدمة منهم الأحزاب، والتنظيمات السياسية، التي يفترض منها تقدير هذه الأهمية والعمل على خلق وعي اجتماعي يكرس واقع الشراكة التي يتبادل فيها الجميع الأدوار إزاء ما يتصل بترسيخ عوامل الأمن والاستقرار وصون السكينة العامة للمجتمع، والتصدي لكل المحاولات التي تسعى إلى استهداف الوطن ومصالحه العليا وعرقلة عملية التنمية وذلك عبر الإخلال بالأمن وتعكير مناخات الاستقرار والسلم الاجتماعي.
وما يؤسف له حقاً هو أن بعض القوى السياسية والح**ية لم تكتف بإسقاط ذلك الواجب عن نفسها، والركون إلى طابع السلبية، بل إنها تجاوزت ذلك إلى التحريض على العنف وتشجيع بعض العناصر المنحرفة على الإمعان في ممارسة أعمال التخريب وجرائم القتل والتقطع والنهب كما بدا ذلك واضحاً وجلياً في موقف أحزاب اللقاء المشترك من الأحداث التي شهدتها مدينة الضالع مؤخراً، والتي قام بإشعالها مجموعة من الخارجين على النظام والقانون والدستور، بهدف إغراق تلك المدينة المسالمة في مستنقع الفوضى والعنف وشلالات الدم.
والمتتبع لما ورد في بيان تلك الأحزاب لن يجد صعوبة في تشخيص الحالة الانتهازية التي تسيطر على بعض قياداتها، والتي حولت تلك الكيانات إلى مجرد دكاكين لنشر الافتراءات والأكاذيب وإصدار بيانات التضليل التي لا هدف من ورائها سوى الإضرار بهذا الوطن ومصالحه وتشويه صورته وتعطيل مسيرته التنموية والديمقراطية في أسلوب هو الأقرب إلى الهوس منه إلى العمل السياسي الرصين والمسؤول.
والمؤلم أن هؤلاء الذين جعلوا من العمل السياسي وسيلة للابتزاز وجني المصالح الذاتية الضيقة والأنانية والحصول على بعض المنافع والمكاسب، لم يستوعبوا حتى الآن أن أمن واستقرار اليمن وإن كان حاجة ملحة وضرورة من ضرورات الحياة، ومرتكزاً أساسياً لاستمرار دوران عجلة التنمية وتحقيق النهوض الشامل الذي يتطلع إليه كل أبناء هذا الوطن، فإنه بالنسبة للآخرين في المنطقة والعالم يشكل أمراً مهماً وحيوياً، كما أشار إلى ذلك الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في رسالته الموجهة إلى فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية والتي نقلها له يوم أمس نائب وزير الخزانة الأمريكي نيل مرولين.
فهل يفهم هؤلاء مثل هذه الحقيقة؟ أم أن ما يهمهم هو الوصول إلى مصالحهم وتمرير المشاريع الصغيرة التي سبق وأن سقطت في الماضي ولن تنجح في الحاضر ولا في المستقبل، لكونها تتقاطع مع حقائق التاريخ وحركة الزمن وإرادة ومبادئ وقيم هذا الشعب.
واللافت أن نجد الأشقاء والأصدقاء أكثر فهماً واستيعاباً لمدى الترابط الوثيق بين أمن اليمن واستقراره وبين مجريات تطوره وتقدمه واستقرار محيطه الإقليمي وفضائه الدولي، أكثر من بعض بنيه إن لم نجد من الأشقاء والأصدقاء من هم أرحم بهذا الوطن من بعض من ينتمون إليه ويحملون هويته.
وأسوأ ما في هذه المفارقة أن يصبح المحسوبون على هذا الوطن أعداء له يتحينون اللحظة للانقضاض عليه وطعنه من الخلف، وإلا ما معنى أن يستمر هؤلاء في شن حملاتهم المحمومة والمسعورة على وطنهم، والتحريض على العنف وزعزعة أمن واستقرار هذا الوطن.
ولمصلحة من إمعان هؤلاء في تعطيل الحوار وافتعال الأزمات وإثارة الفتن، وعرقلة أي توجه يسعى إلى التجاوب مع آمال وتطلعات الشعب اليمني، الذي يجاهد من أجل تجاوز تحدياته التنموية والاقتصادية والتغلب على معضلات الفقر والبطالة ومحدودية الموارد، ويكافح بكل جدارة في سبيل الرقي بأوضاعه المعيشية واستكمال بناء دولته الحديثة القوية والمعافاة من كل أدران الماضي وموروثاته المتخلفة، ولما من شأنه تأمين المستقبل المنشود لأبنائه، في حين ينشغل المزايدون والانتهازيون بزرع اليأس والاحباط في نفوس الشباب إلى جانب افتعال الأزمات وإثارة الفتن متوهمين أنهم بتلك الأفعال سيحققون مآربهم وأهدافهم الخبيثة وإيقاف مسيرة التنمية والتطور، متجاهلين أن إرادة الشعب هي من إرادة الله، وأن عزيمة الشرفاء أقوى من أن ينال منها مكر الماكرين وحقد الحاقدين وتبجح المتنطعين وصدق الله العظيم القائل "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".