حبة السوداء :
ثبت في الصحيحين : من حديث أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " عليكم بهذه الحبة السوداء ، فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام " . والسام : الموت .
الحبة السوداء : هي الشونيز في لغة الفرس ، وهي الكمون الأسود ، وتسمى الكمون الهندي ، قال الحربي ، عن الحسن : إنها الخردل ، وحكى الهروي : أنها الحبة الخضراء ثمرة البطم ، وكلاهما وهم ، والصواب : أنها الشونيز .
وهي كثيرة المنافع جداً ، وقوله : " شفاء من كل داء " ، مثل قوله تعالى : " تدمر كل شيء بأمر ربها " [ الأحقاف : 25 ] أي : كل شئ يقبل التدمير ونظائره ، وهي نافعة من جميع الأمراض الباردة ، وتدخل في الأمراض الحارة اليابسة بالعرض ، فتوصل قوى الأدوية الباردة الرطبة إليها بسرعة تنفيذها إذا أخذ يسيرها .
وقد نص صاحب القانون وغيره ، على الزعفران في قرص الكافور لسرعة تنفيذه وإيصاله قوته ، وله نظائر يعرفها حذاق الصناعة ، ولا تستبعد منفعة الحار في أمراض حارة بالخاصية ، فإنك تجد ذلك في أدوية كثيرة ، منها : الأنزروت وما يركب معه من أدوية الرمد ، كالسكر وغيره من المفردات الحارة ، والرمد ورم حار باتفاق الأطباء ، وكذلك نفع الكبريت الحار جداً من الجرب .
والشونيز حار يابس في الثالثة ، مذهب للنفخ ، مخرح لحب القرع ، نافع من البرص وحمى الربع : والبلغمية مفتح للسدد ، ومحلل للرياح ، مجفف لبلة المعدة ورطوبتها . وإن دق وعجن بالعسل ، وشرب بالماء الحار ، أذاب الحصاة التي تكون في الكليتين والمثانة ، ويدر البول والحيض واللبن إذا أديم شربه أياماً ، وان سخن بالخل ، وطلي على البطن ، قتل حب القرع ، فإن عجن بماء الحنظل الرطب ، أو المطبوخ ، كان فعله في إخراج الدود أقوى ، ويجلو ويقطع ، ويحلل ، ويشفي من الزكام البارد إذا دق وصير في خرقة ، واشتم دائماً ، أذهبه .
ودهنه نافع لداء الحية ، ومن الثآليل والخيلان ، وإذا شرب منه مثقال بماء ، نفعع من البهر وضيق النفس ، والضماد به ينفع من الصداع البارد ، واذا نقع منه سبع حبات عدداً في لبن امرأة ، وسعط به صاحب اليرقان ، نفعه نفعاً بليغاً .
وإذا طبخ بخل ، وتمضمض به ، نفع من وجع الأسنان عن برد ، وإذا استعط به مسحوقاً ، نفع من ابتداء الماء العارض في العين ، وإن ضمد به مع الخل ، قلع البثور والجرب المتقرح ، وحلل الأورام البلغمية المزمنة ، والأورام الصلبة ، وينفع من اللقوة إذا تسعط بدهنه ، وإذا شرب منه مقدار نصف مثقال إلى مثقال ، نفع من لسع الرتيلاء ، وإن سحق ناعماً وخلط بدهن الحبة الخضراء ، وقطر منه في الأذن ثلاث قطرات ، نفع من البرد العارض فيها والريح والسدد .
وإن قلي ، ثم دق ناعماً ، ثم نقع في زيت ، وقطر في الأنف ثلاث قطرات أو أربع ، نفع من الزكام العارض معه عطاس كثير .
وإذا أحرق وخلط بشمع مذاب بدهن السوسن ، أو دهن الحناء ، وطلي به القروح الخارجة من الساقين بعد غسلها بالخل ، نفعها وأزال القروح .
وإذا سحق بخل ، وطلي به البرص والبهق الأسود ، والحزاز الغليظ ، نفعها وأبرأها .
وإذا سحق ناعماً ، واستف منه كل يوم درهمين بماء بارد من عضه كلب كلب قبل أن يفرغ من الماء ، نفعه نفعاً بليغاً ، وأمن على نفسه من الهلاك . وإذا استعط بدهنه ، نفع من الفالج والكزاز ، وقطع موادهما ، وإذا دخن به ، طرد الهوام .
وإذا أذيب الأنزروت بماء ، ولطخ على داخل الحلقة ، ثم ذر عليها الشونيز ، كان من الذرورات الجيدة العجيبة النفع من البواسير ، ومنافعه أضعاف ما ذكرنا ، والشربة منه درهمان ، وزعم قوم أن الإكثار منه قاتل .
حرير : قد تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم أباحه للزبير ، ولعبد الرحمن بن عوف من حكة كانت بهما ، وتقدم منافعه ومزاجه ، فلا حاجة إلى إعادته .