كفار الجن وشياطينهم يختارون الكفر والشرك ومعاصي الرب وإبليس وجنوده من الشياطين يشتهون الشر ويكيدون به ويطلبونه ويحرصون عليه يقتضى خبث أنفسهم وإن كان موجبا لعذابهم وعذاب من يغوونه كما قال إبليس “ فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين “ وقال “ أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا “ وقال تعالى “ ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين “
والإنسان إذا فسدت نفسه أو مزاحه يشتهى ما يضره ويلتذ به بل يعشق ذلك عشقا يفسد عقله ودينه وخلقه وبدنه وماله والشيطان هو نفسه خبيث فإذا تقرب صاحب العزائم والأقسام وكتب الروحانيات السحرية وأمثال ذلك إليهم بما يحبونه من الكفر والشرك صار ذلك كالرشوة والبرطيل لهم فيقضون بعض أغراضه كمن يعطى غيره مالا ليقتل له من يريد قتله أو يعينه على فاحشة أو ينال معه فاحشة ولهذا كثير من هذه الأمور يكتبون فيها كلام الله تعالى بالنجاسة وقد يقلبون حروف “ قل هو الله أحد “ أو غيرها بنجاسة إما دم وإما غيره وإما بغير نجاسة ويكتبون غير ذلك مما يرضاه الشيطان أو يتكلمون بذلك فإذا قالوا أو كتبوا ما ترضاه الشياطين أعانتهم على بعض أغراضهم إما تغوير ماء من المياه وإما أن يحمل في الهواء إلى بعض الأمكنة وإما أن يأتيه بمال من أموال بعض الناس كما تسرقه الشياطين من أموال الخائنين ومن لم يذكر اسم الله عليه ويأتى به وإما غير ذلك ولو سقنا في كل نوع من هذه الأنواع من الأمور المعينة ومن وقعت له ممن عرفناه ومن لم نعرفه لطال ذلك جدا قال محمد بن اسحاق النديم في كتاب الفهرست في أخبار العلماء وأسماء ما صنفوه من الكتب في الفن الثاني من المقالة الثامنة زعم المعزمون والسحرة أن الشياطين والجن والارواح تطيعهم وتخدمهم وتتصرف بين أمرهم ونهيهم فأما المعزمون ممن ينتحل الشرائع فزعم أن ذلك يكون بطاعة الله جل اسمه والابتهال اليه والإقسام على الأرواح والشياطين به وترك الشهوات ولزوم العبادات وأن الجن والشياطين يطيعونهم إما طاعة لله جل اسمه لأجل الإقسام به وإما مخافة منه تبارك وتعالى ولأن في خاصية اسمائه وذكره قمعهم وإذلالهم فأما السحرة فإنها زعمت أنها تستعبد الشياطين بالقرابين والمعاصي وارتكاب المحضورات مما لله عز وجل في تركها رضا وللشياطين في استعمالها رضا مثل ترك الصلاة والصوم وإباحات الدماء ونكاح ذوات المحارم وغير ذلك من الأفعال البشرية قال محمد بن اسحاق فأما الطريقة المذمومة وهي طريقة السحرة فزعم من يجيز ذلك أن مدخ بنت إبليس وقيل هي بنت ابن إبليس لها عرش على الماء وأن المريد لهذا الأمر متى فعل لها ما تريد وصل إليها وأخدمته من يريد وقضت حوائجه ولم يحتجب عنها والذي يفعل لها القرابين من حيوان ناطق وغير ناطق وان يدع المفترضات ويستعمل كل ما يقبح في العقل استعماله وقد قيل أيضا مدح هو إبليس نفسه وقال آخر إن مدخ تجلس على عرشها فيحمل إليها المريد لطاعتها فيسجد لها قال محمد بن اسحاق النديم قال لي إنسان منهم إنه رآها في النوم جالسة على هيئتها في اليقظة وأنه رأى حولها قوما يشبهون الزط سوادية حفاة مشققي الأعقاب وقال رأيت من جملتهم ابن منذريني وهذا رجل من أكابر السحرة قريب العهد واسمه أحمد بن جعفر غلام ابن زريق وكان يناطق من تحت الطست