ذكر الزبير بن أبي بكر وغيره أن إبليس كان يخترق السموات قبل عيسى عليه السلام فلما ولد وبعث عليه السلام حجب عن ثلاث سموات فلما ولد محمد - صلى الله عليه وسلم - حجب عنها كلها وقذفت الشياطين بالنجوم ، وقالت قريش حين كثر القذف بالنجوم قامت الساعة فقال عتبة ابن ربيعة انظروا إلى العيوق فإن كان قد رمي به فقد آن قيام الساعة وإلا فلا وذكر ابن اسحاق ما رميت به الشياطين حين ظهر القذف بالنجوم لئلا يلتبس بالوحي وليكون ذلك أظهر للحجة وأقطع للشبهة قال السهيلي والذي قاله صحيح ولكن القذف بالنجوم كان قديما وذلك موجود في أشعار القدماء من الجاهلية منهم عوف بن الخرع وأوس بن حجر وبشر بن أبي خازم وكلهم جاهلي وقد وصفوا الرمي بالنجوم وأبياتهم في ذلك مذكورة في مشكل ابن قتيبة في تفسير سورة الجن وذكر عبد الرازق في تفسيره عن معمر عن ابن شهاب انه سئل عن هذا الرمي بالنجوم أكان في الجاهلية قال نعم ولكنه لما جاء الإسلام غلظ وشدد وفي قوله سبحانه “ وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا “ ولم يقل حرست دليل على أنه قد كان منه شيء فلما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ملئت حرسا شديدا وشهبا وذلك لينحسم أمر الشياطين وتخليطهم ولتكون الآية أبين والحجة أقطع وإن وجد اليوم كاهن فلا يدفع ذلك بما أخبر الله من طرد الشيطان عن استراق السمع فإن ذلك التغليظ والتشديد كان زمن النبوة ثم بقيت منه أعني من استراق السمع بقايا يسيرة بدليل وجودهم على الندور وفي بعض الأزمنة في بعض البلاد وقد سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكهان فقال ليسوا بشيء فقيل إنهم يتكلمون بالكلمة فتكون كما قالوا فقال تلك الكلمة من الحق يحفظها الجني فيقرها في أذن وليه قر الزجاجة فيخلط فيها أكثر من مائة كذبة ويروى قر الدجاجة بالدال وعلى هذه الرواية تكلم قاسم بن ثابت في الدلائل قال السهيلي والزجاجة بالزاي اولى لما ثبت في الصحيح فيقرها في أذن وليه كما تقر القارورة ومعنى يقرها يصبها ويفرغها قال الراجز:
لا تفرغن في أذني بعدها
ما يستقر فأريك فقدها