بسم الله الرحمن الرحيم
كانت و لا تزال العلوم الروحانية تستقطب الكثير من الناس
منهم من جاءها من باب الفضول، و منهم من جاء مضطرا
يسعى باحثا عن حل مشكلة
فأذهلته هذه العلوم فسكنت منه العروق و الدم
و منهم من دخلها سعيا وراء الرزق
و ما أكثر الأسباب التي رمت بالمرء على
ساحل هذا البحر المطلسم العظيم الذي لا أخر له
إذا تعددت الأسباب و الهدف واحد، فجميع هذه الفئات
تسعى بكل ما أوتيت من قوة لبلوغ شيء ملموس في هذا العلم
لكن كم من أحد رأى بأم عينه النتيجة تتحقق أمامه؟ السؤال صعب
و الإجابة عنه أصعب؛ لأنه و بل صدق قليل هم الناس الذين وصلوا إلى عمق هذا الفن
و كثيرا منهم من لم يجني سوى الحسرة لدرجة أدخلت الشك إلى بعض نفسه
المريضة حتى ضن أنها كذب و خرافات.
وبصراحة أن العلم الروحاني موجود فعلا
و من فتح الله عليه في هذا المجال فقد بلغ المرام
و صار من المحسودين، و من أسياد الناس و خاصة الله عز و جل.
مشكلة الذين لم يجنوا شيء في العلوم الروحانية أنهم يعملون في الاتجاه المعاكس للأمور
و لا يدرون من أين يبدؤون و لا أين ينتهون
اخوتي بالله أن الله عز و جل غيورا على عباده، و هو سبحانه لا يحب الفساد
و لا يعين في معصية فمن أسمائه القدوس، و معنى القدوس هو الطاهر
و الشيء الطاهر هو كل شيء نقي لا شيب فيه لا دنس
سأضرب لكم مثلا:
ماذا كان سيحدث لو كان العلم الروحاني مفتوح لكل من هب و دب كما يقال؟
لو حدث ذلك لفسدت السماوات و الأرض و لبغى القوي على الضعيف
إن الله لا يحب الفساد.
علم الروحانية يا أحبة مفتوح لفئتان لا ثالث لهما؛
الأولى للصالحين
و الثانية لمن باعوا أنفسهم لإبليس و جنوده
فمن تبع إبليس لعنه الله
رأى في بداية مشواره سر الاستجابة، و هذا فخ من الشيطان
حتى يستدرج العبد في المعاصي فمتى وصل هذا العبد إلى نقطة لا رجوع
صار عبدا للشياطين يقضون له أمرا من أموره مقابل معاصي لا يعلمها إلى الله
ثم يتخلون عنه فيضيع في الدنيا و الآخرة و ذلك هو الخسران المبين.
أما الفئة الثانية: فهي فئة الصالحين من عباد الله الذين
أكرمهم الله بمنزلة في هذا العلم
ليدافعوا عن إخوانهم في الدين، و يجاهدون الشيطان و أولياءه
و حزب الله هم الغالبون.
افهموا جيدا اخوتي لا يوجد هنا فئة ثالثة، فاختاروا لأنفسكم مكانا
بين أحد الفريقين؛ و علموا أن الحل الوسط غير موجود بل منعدم تماما
إما مع الله و حزب الصالحين؛ أو مع الشيطان و أولياءه. فالاختيار هو
أول درجة في هذا الفن. و من سار خارج هذان الطريقان
لن يصل لشيء و لو انفق من عمره ألف سنة.
ثاني درجة في العلم الروحاني هي وجود الشيخ الزاهد المربي
فبدون شيخ يريكم فنونها فلكم ما ظهر من العلم و فاتكم ما بطن
فباطن الأمور هي روحها و هل ينفع جسد بلا روح؟ فأي مخلوق على الأرض
ينقسم إلى قسمان الجسد و الروح، فمتى خرجت الروح من الجسد فسد هذا الأخير
يا طالبي العلوم الروحانية بدرها تنقسم إلى قسمان
قسم ظاهر يجدونه في أي كتاب (أي ما خط علماء الروحانيات في كتبهم)
و قسم باطن هو سر هذا العلم و روحه
و بدونها يصبح هذا العلم
جسدا بلا روح فلا تنتظروا منه شيئا. فدور الشيخ المربي هو
أن يبدي لكم ما كتمه العلماء في كتبهم أي ما بطن من العلوم الروحانية
فيكون عندكم الظاهر و الباطن، و يكتمل الجسد و يصح العمل
و لا تنسوا أن الاختيار واجب فلحزب الله شيوخه و لحزب الشيطان شيوخه
فسواء اخترتم الله أو الشيطان وجود الشيخ معكم
واجب و بدونه من المستحيل الوصول إلى المبتغى.
و الله الموفق
لاتنسونا بدعواتكم