الرحمن الرحيم صفتان لله مشتقاتان من الرحمه, فالرحمن: صفه مبالغه بمعنى عظيم الرحمه , والرحيم : دائم الرحمه(1) وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر , فانطلق لحاجة , فرأينا حُمرة (نوع من الطيور) معها فرخان , فأخذنا فرخيها , فجاءة الحمرة فجعلت تعْرش (تضرب بجناحيها), فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من فجع هذه بولدها؟! ردوا ولدها إليها(2) .
فهذه رحمة الله بعباده , ورحمة الله كما أنبأنا سبحانه وتعالى وسعت كل شيء فقال تعالى:
( ورحمتي وسعت كل شيء ) الآعراف 156 شملت الانسان والحيوان, والنبات, والكائنات الحية الدقيقة , والجبال والأنهار وكل شيء.
واليوم نرى كيف وسعت رحمة الله النباتات الصحراوية فحمتها من شح المياه, والحرارة المرتفعة , والرياح العاصفة , والرعي الجائر , والتحطيب المهلك والصخور الصلدة , والأرض الرملية المفككة المسربة للماء.
فبالدراسة والبحث(3) وجد الباحثون أن النباتات الصحراوية في شح الماء في البيئة الصحراوية والجفاف الشديد تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
( نباتات هاربة من الجفاف ( Ehermerals ونباتات عصيرية ( (Succulents plants (ونباتات تتحمل الجفاف ( True xerophytesفالنباتات الهاربة من الجفاف هي نباتات عادية وسطيه
( Mesophytes ) شاء الله وجودها في البيئة الصحراوية , ويقتصر وجودها الخضري على فترة المطر فهي تهرب من الجفاف بالانبات , والنمو , والإزهار, والإثمار, وانتشار البذور والثمار قبل حلول موسم الجفاف, وتبقى بذورها وثمارها ذات الأغلفة المقاومة للجفاف والحرارة والضوء الساطع إلى موسم الأمطار القادم.
الخشخاش البري
Papaver sp من النباتات الهاربة من الجفاف
فمن علم هذا النبات الضعيف هذا السلوك المعجز والعجيب؟ومن أعلم هذا النبات أن الجفاف قادم بعد قليل وعليها اتمام دورة حياتها فيما لايزيد عن السبعة أسابيع؟وماذا لوطالت فترة الحياة عن فترة الأمطار وتوفر المياه ؟!لو حدث ذلك لهلكت تلك النباتات واختفت من الصحراء , ولكنها موجودة لغاية مقدره , ومستمره للأعوام القادمه بإذن الله.
ونحن نرى الفيافي الواسعة بعد الأمطار وقد كست أرضها النباتات الرقيقة والأزهار الجميلة, فتقتات الحيوانات على جزء منها, ويحصد الانسان حبوبها وأزهارها وأوراقها وسيقانها وجذورها الطبية والغذائية .
إنها نباتات صغيرة الحجم , رقيقة الجدر, ناعمة السيقان , لاتعرف من التكيف للصحراء سوى دورة الحياة السريعة فمن علمها ذلك ؟!
هذا ما أجاب به سيدنا موسى فرعون عندما (قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) طه 50.
و النباتات الصحراوية العصيرية ( ( Succulents plants, نباتات رحمها الله , وزودها بآليات فسيولوجية وتشريحية وظاهرية تساعدها على تخزين المياه وقت توفرها لاستغلالها وقت الجفاف , ومنها نباتات التين الشوكي
Opuntia tuna والرطريط
Zygophyllum album .
نبات التين الشوكي Opuntia tuna
فقد وهبها الله خلايا برانشيمية تخزينية كبيرة تحتوي مواد عصارية مخاطية محبة للماء , تمسك به ويصعب عليه الفكاك منها, إلا للنبات وأنسجته , وحتى لاتفقد الماء بعد تخزينه فإنها تتخلص من العضو الرئيس في فقد الماء بالثغور وهو الأوراق , حيث تسقط الأوراق سريعاً قبل حلول الجفاف .
ويستعاض عن وظائف الأوراق بتكليف السيقان بالبناء الضوئي بعد تفلطحها وامدادها بوحدات البناء الضوئي البلاستيدات الخضراء (Chloroplast) وصبغ اليخضور( Chlrophyll ) وآليات البناء الضوئي (Photosynthesis ) المعجزة.
وسيقان تلك النباتات مغلفه بالكامل بطبقة رقيقة شمعية غير منفذة للماء , ولها شبكة جذور سطحية واسعة الانتشار تحصل على المياه فور سقوطها .
أما نباتات الجفاف الحقيقية (True xerophytes ): فهي نباتات الشدة والتحورات العجيبة هي الأخرى فهي النباتات جفافية حقيقية (True xerophytes ) المتميزة بالمجموع الخضري (Shootsystem) الصغير والمجموع الجذري (Root system) المتعمق لعشرات الأمتار , وضغطها الأسموزي لعصيرها الخلوي مرتفع جداً بحيث يزيد من قدرتها على امتصاص الماء غير الميسور للنباتات الأخرى , (بنسبة معامل الذبول Wilting coefficient ) حيث يكون الماء غشاء رقيق ملتصق بحبيبات التربة بقوة يصعب على النباتات العادية التغلب عليها.
فمن خلق هذا ؟ومن هيأ النبات الصحراوي الجفافي لهذا؟وعلاوة على قوى الامتصاص السابقة للماء هناك آليات وهبها الله للنبات لتقليل النتح والاحتفاظ بالماء , حيث تكون الأوراق صغيره وتتساقط بعد مدة كما في نبات العاقول
Alhagi marurnum أو تبقى الأوراق طوال فترة الأمطار ثم تسقط قبل حلول فترة الجفاف مثل نبات القتاد أو السله
Zilla spinosa .
وقد تنعدم الأوراق تماماً وتقوم الساق بعملية البناء الضوئي كما هو الحال في نبات الرتم
Retama raetam , وأحياناً تلتف الأوراق حول نفسها كما يلف أوراق التبغ لصناعة السيجار لتقليل مساحة الورقة المعرضة للبيئة الصحراوية بإخفاء أكبر مساحة من الأوراق كما في نبات قصب الرمال
Ammophilia arenaria كما يغطي سطح النبات كله ويعزل بطبقة من الكيوتين ( Cutine ) الشمعية السميكة حفاظاً على المحتوى المائي للنبات .
وتغطى أوراق بعض النباتات الصحراوية الحقيقية بأوبار وشعيرات , أويحاط النبات بطبقة عازلة من الزيوت الطيارة مثل نبات الشيح
Artemisia absinthum ونبات الزعتر
Tymus serpyllum .
نبات الرتم
Retama raetamوقد وهب الله النباتات الصحراوية أشكالاً ظاهرية معجزة تحميها من الرياح حيث خلقها مكورة , أو بمجموع خضري قصير, وأوراق حرشفيه كما في نبات الكازوارينا
Casurina equisetifolia .
وهيأ الخالق اللطيف الخبير العليم الرحيم سبحانه وتعالى النباتات الصحراوية لتحمل الحرارة المرتفعة في الصحراء والضوء الساطع حيث حمى الأوراق سبحانه وتعالى بطبقة عمادية (Plaisade layer ) في الطبقتين العليا والسفلى للورقة كما هو الحال في نباتيْ الدفلة
Nerium oleander والكافور
Eucalyptus rostoratus وسيقان نبات الكازورينا
Casurina equisetifolia .